اَللَّهُ رَحْمَانٌ رَحِيمٌ رَؤُوفٌ بِعِبَادِهِ
ما أجمل أن نقتنع تمام الاقتناع أن الله وحده هو الذي يقبلنا بكل حالاتنا، يقبلنا بانهزاماتنا وانتصاراتنا، يقبلنا بحزننا وقرحنا، بصفائنا وفرحنا، يقبلنا بقلبنا المفطور ووجداننا المكسور وخاطرنا المقهور، يقبلنا بأعيننا الدامعة وآهاتنا القابعة وينظر إلينا بعين الرحمة والرأفة من فوق السماء السابعة، الله وحده يقبلنا بشتاتنا وثباتنا، بقوتنا وضعفنا، بإشراقاتنا اللامعة وانطفاءاتنا السادعة، وحده يقبلنا بصدرونا العليلة الضائقة وأفكارنا الشريدة العالقة. وحده يقبلنا ويفرح بتقربنا منه وعودتنا إليه ولو بعد غفلة وتيه وشتات. هو الذي برحمته ولطفه يردنا إليه ردا جميلا، وينسينا تعبنا وكللنا ومللنا وأملنا الذي ألهانا عن ذكر الله طويلا. هو الذي يزين الإيمان في قلوبنا وينسينا مرارة الحزن والشجن والألم والسقم الذي أهلكنا ونحن نتخبط في البعد عن الله. هو الذي يكره إلينا كل معصية كانت تأسرنا وكل ذنب كان يهون علينا. هو الذي من الذل والهوان ينتشلنا ويرفعنا، وللصلاح والالتزام والثبات يدفعنا، وبحلاوة الإيمان واليقين يمتعنا، وعلى ذكره وحسن عبادته يجمعنا. هو قبل كل شيء وبعد كل شيء الله الرحمان الرحيم الرؤوف اللطيف.
ما أجمل أن نؤمن تمام الإيمان بالله ونقتنع بكونه خالق الإنسان ومدبر الأكوان، وأنه لا علم فوق علمه، ولا قدرة فوق قدرته، ولا جبروت فوق جبروته، ولا سلطان أبقى من سلطانه، ولا شريعة أتقى من شريعته، ولا منهاج أقوم من منهاجه، ولا دين أصلح من دينه، ولا رحمة وسعت كل شيء إلا رحمته، ولا لطف أجمل من لطفه، ولا عفو أجل من عفوه، ولا حب يبعث على الحياة كحبه، لا معز سواه، ولا مذل غيره، ولا انقطاع لرزقه، ولا نفاذ لخزائنه، ولا نصر إلا من عنده، ولا أحلام ولا آمال تتحقق إلا بإذنه. فكيف يضيرنا شيء آخر ويضرنا ويشغلنا شيء هو تحت تدبير الله وحده؟ كيف نبحث عن أسباب واهية لكل شيء ونحن نعلم يقينا أنها بيد مسبب الأسباب ورب الأرباب؟ كيف تأسرنا الآمال وتتبعنا الأهوال وتتقلب بنا الأحوال ونحن غافلون تمام الغفلة عن ذكر علام الغيوب المحيط بما في الصدور والقلوب وغافر الذنوب وخالق السماوات والأرض دون تعب أو لغوب؟ كيف لا نتضرع إليه لتستقيم حياتنا ويصلح حالنا ويهنأ بالنا ويهدأ روعنا وتستحيل الظلمة نورا في أعيننا؟
وقد كتب الله على نفسه أنه قريب يجيب دعوة الداعي إذا دعاه، وما هو بمخلف وعده وكلامه أبدا. وهو الذي قال في محكم التنزيل، في سورة النحل: {{مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بَأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}}. وهو الذي برحمته ولطفه بالعباد جعل الذكر عبادة وتقربا إليه، فالالتزام بذكر الله سرا وجهرا هو عمل صالح أيضا. وقد قال الله جل وعلا في سورة الرعد: {{ الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ ٱللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ ٱللَّهِ تَطْمَئِنُّ ٱلْقُلُوبُ}}. وفي هذا السياق، جعل الله سبحانه وتعالى اطمئنان القلوب مرتبط بالإيمان به وذكره. فكيف يمكن ألا يطمئن القلب ويهنأ البال والإنسان يتلو ما نزل به الروح الأمين من فوق السماوات العلى وفيه قول رب العزة : {{ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ}}؟ إن هذا الذكر هو الأمان للعقل والطمأنينة للقلب والسكينة للروح.
فما أجمل أن نلزم ذكر الله! وما أعظم أن نكون على موعد معه خمس مرات في اليوم على الأقل في صلواتنا! ما أحلى أن نقرأ جهرا أو سرا ونقول: "الحمد لله رب العالمين" ونحن نعلم يقينا أن الله يرد علينا: "حمدني عبدي"، وأن نقول: "الرحمان الرحيم"، ونعلم أن العزيز الجبار يقول "أثنى علي عبدي". وحين نقول نحن "ملك يوم الدين" فيقول مالك الملك والملكوت "مجدني عبدي". وعندما نكمل القراءة يقول السميع العليم القريب المجيب "هذا لعبدي ولعبدي ما سأل". ألا يكفينا هذا طمأنينة وراحة ونعماء؟ ألا ينتشلنا هذا الإيمان من البأساء والضراء؟
فما أنقى صراط الله المستقيم! وما أتقى شريعة الله الحنيفة! وما أبقى رحمته ورأفته وقوته وعلمه! وما أشقى من يبتعد عنه ويبحث عن السعادة بعيدا عنه! وما أرقى وأسمى النفس حيث تلزم الذكر وتطمئن به!
وَنَسْأَلُ ٱللَّهَ أَنْ يَرُدَّنَا إِلَيْهِ رَدّاً جَمِيلاً وَيُثَبِّتَنَا عَلَى دِينِهِ، وَكَفَى بِهِ وَكِيلاً سَمِيعاً مُجِيباً.
نبيل السرغيني
اللهم ردنا إليكَ ردا جميلا 🤲
ردحذفموضوع جميل و أسلوب أجمل 🥰
حفظكَ الله أيها النبيل
آميييين يا رب🥰🥰🥰
حذفهذا من جمال منظورك ورونق رؤيتك. 🥰
حفظك الله ورعاك وأبعد عنك كل مكروه. 🥰
سلمت أناملك نبيل ،
ردحذفبارك الله فيك و في أسلوبك 💜
شكرا جزيلا 💜 بارك الله فينا جميعا 💜 حفظك الله ورعاك وسدد خطاك.
حذف