اَلْإِسْلَامُ دِينٌ مُتَكَامِلٌ
يقول الله عز من قائل في الآية التاسعة عشر من سورة "آل عمران" : {{إِنَّ ٱلدِّينَ عِنْدَ ٱللَّهِ ٱلْإِسْلَامُ}}؛ وهي إشارة تأكيدية من الله جل وعلا أنه لا دين أحق بالاتباع من الدين الإسلامي الحنيف، وأنه هو العقيدة السوية التي نقص فيها ولا عيب، حيث أن دين يشمل كل مناحي الحياة ويؤطر كل مجالاتها، فلا يبقى أبدا مجال يطاله الفراغ التشريعي أو يُترك فيه الإنسان تائها دون تأطير وتقنين شرعي حيث أن الأحكام التي تضبط الحياة الإنسانية محددة بوضوح إما بنص قرآني محكم التنزيل من السماوات العلى، وإما بحديث نبوي شريف عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى أبدا.، وإما باجتهاد أئمة الإسلام وعلماء الأمة الذين تفقهوا في الدين واهتدوا بهدي النبي الكريم خير الأنام ومسك الختام.
والقول أن الإسلام دين متكامل، لا ريب ولا شك فيه. ذلك أن ركنه الأول شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، هو بمثابة إقرار بوحدانية خالق الإنسان والأكوان، وهو ملء لروح الإنسان بالراحة والطمأنينة ونجاة من الفراغ الروحي الذي يؤدي بصاحبه إلى مستنقعات الرذيلة والإلحاد. كما أن شهادة أن محمدا رسول الله هي اعتراف بأن للإنسان قدوة وإسوة يهتدي به ويتبع نهجه في الحياة بغية تحصيل الحياة الطيبة المفعمة بالالتزام واتباع النهج الشرعي القويم.
وفيما يخص ركن الإسلام الثاني ألا وهو الصلاة؛ وهي فرائض تجعل حياة الإنسان منظمة، وتهبه الراحة والطمأنينة والأمان، وتعلمه الالتزام والانضباط، وتقيه من الفراغ الروحي الذي يهوي به إلى الفحشاء والمنكر. فالإنسان عندما يكون على موعد مع خالقه وبارئه خمس مرات في اليوم ويعلم يقينا أن الله يقبله بكل حالاته النفسية والذهنية، ويؤمن أنه ما من سبيل للراحة والنعماء إلا بتقوى الله، ويسجد بين يديه جل وعلا ويكثر من الدعاء الذي يدرء الضراء ويجلب السراء، فإن كل سعادة المرء تتحقق هنا بالصلاة. وقد أكد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الصلاة عماد الدين وأنها واجب على كل مسلم.
وفيما يخص الركن الثالث المرتبط بإيتاء الزكاة، فإن الإسلام دين الاعتدال والوسطية في كل شيء، فلا يقبل أن يكون أحد فاحش الثراء في حين أن مسلما آخر يعيش فقرا مدقعا، والله تعالى هو الوهاب الرزاق الذي لا تنفذ خزائنه، وقد قسم الأرزاق بين الناس ويرزق من يشاء بغير حساب، وذلك من أجل الامتحان. وقد أوجب الله على الأغنياء زكاة وصدقة من أموالهم ليطهرهم بها ويبارك في أرزاقهم، وتصرف هذه الزكاة للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل (وسنتطرق إلى تفصيل الموضوع في مقال لاحق إن شاء الله تعالى).
وبخصوص الركن الرابع المتعلق بصوم رمضان، فهو تقرب إلى الله وتطهير للنفس وتزكية للروح، حيث أن الإنسان يجوع لوجه الله ويعطش تقربا إلى الله إيمانا واحتسابا، يصوم النهار ويقوم الليل لوجه الله تعالى، فهو أفضل الشهور عند الله وفي نزل الروح الأمين جبريل بخير كتاب أُنزل من فوق سبع سماوات عُلىً ألا وهو القرآن الكريم، وفيه ليلة القدر الذي نزل فيها الوحي على الحبيب المصطفى. كل هذه المقدسات لا تزيد الإنسان المسلم إلا طمأنينة وتحبب إليه الإسلام والإيمان وتكره إليه الكفر والفسوق والعصيان والرذيلة والانحطاط والفراغ الديني، ولا تزيد شخصيته إلا اعتدالا واكتمالا وجمالا.
أما الركن الخامس والأخير؛ حج البيت لمن استطاع إليه سبيلا، فهو ركن مهم جدا لمن قدر عليه ماديا وبدنيا، لأنه يعلم الناس سمو قيمة العبادة والتعلق بالله وحده والهجرة في سبيل الله وحده، ويعلمهم تحمل المشاق والمصاعب حيث أنهم يسافرون من كل أقطار الأرض إلى تلك البقعة الطاهرة المطهرة والكريمة المكرمة ليغغر لهم الله كل الخطايا ويعودوا بحول الله وقوته كيوم ولدتهم أمهاتهم، ويبارك لهم الله في أرزاقهم ينعم عليهم بالحياة الطيبة الكريمة، وتزداد نفوسهم إيمانا وطهرا، ويتعلمون المبادئ السامية والقيم الأخلاقية العالية من حلم ولين وتواضع وتقبل للآخر واحترام ومودة ولطف وعفو وصفح ومبادرة إيجابية.
وخلاصة القول أن هذه الأركان هي أركان متكاملة ومتناسقة ومتناغمة تعمل على بناء الشخصية القويمة للإنسان، وتملأ روحه بالإيمان بالله وحده وتعظيمه وتقديره وإجلاله، واتباع هدي الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم واعتباره إسوة حسنة، وتكسب الذات كل المبادئ الحياتية السليمة التي تضبط الفرد والمجتمع معا وتؤطر كل تفاصيل الحياة الإنسانية.
والله ناصر دينه وعباده.
نبيل السرغيني
موضوع في الصميم! جميل هو المضمون. ❤️
ردحذفجزاك الله خيرا لنا شرف القراءة 🥰
ردحذفو الحمد لله كثيرا على نعمة الإسلام
ردحذفأحسنَ الله إليكَ أيها النبيل 🥰
الحمد لله على نعمة الإسلام جزاك الله كل خير
ردحذف