اُتْرُكْ أَثَراً جَمِيلاً...

 


{{وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ ٱللَّهُ}} سورة البقرة، الآية 197.

{{وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ}} سورة البقرة، الآية 272.

{{وَافْعَلُوا ٱلْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}} سورة الحج، الآية 77.

{{وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ ٱللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أجْراً وَ اسْتَغْفِرُوا ٱللَّهَ إنَّ ٱللَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ}} سورة المزمل، الآية 20.


            يبين الله جل وعلا في مواضع مختلفة من محكم التنزيل القرآن الكريم فضل وجزاء الفعل الطيب والأثر الجميل، تماما مثلما هو محدد في الآيات المذكورة أعلاه وغيرها من الآيات القرآنية الكريمة. فالله سبحانه وتعالى يجازي فاعل الخير في الحياة الدنيا بخير عميم وعيش كريم ورزق طيب غنيم ويجازيه في الآخرة برضوان وجنة نعيم لا يُسمع فيها لغو ولا تأثيم ويصرف الله وجهه عن سعير وجحيم.
           وإن الأثر الجميل لا يكون جزاؤه جميلا إلا حينما يسبقه الاعتقاد الحسن والنية الطيبة ولا يكون إلا لوجه الله جل جلاله. فحينما يقرن العمل بحسن النوايا ونقاء الصدور ولا يكون انتظارا لمقابل أو شكور فهو ينال رضا العزيز الغفور الشكور ويدخل على القلب البهجة والسرور. وما من عمل صغر أو كبر قل أو كثر إلا ويعلمه الله، وكفى به سميعا عليما. أما إذا صنع المرء معروفا أو فعل خيرا وانتظر الشكر والتقدير من العباد لنيل رضاهم فما هو بسعي مبرور ولا عمل مشكور عند الله، حيث أن ركن الإخلاص لوجه الله في هذا العمل قد سقط واندثر، وبالتالي فهو عمل منقوص لا اكتمال له، مشروط لا إخلاص فيه، ومقرون جزاؤه بثناء العبد في الدنيا دون ثواب الله في الآخرة.
            وقد جاور الله في كتابه بين فعل الخير والفلاح. وبالتالي فإن صنع المعروف وفعل الخير، مهما كان بسيطا وبدا عيني فاعله صغيرا فربما هو عظيم عند الله، هو سبيل من سبل الفلاح في أولى الدارين وأخراهما. وكيف لا يتحقق الفلاح وقد أكد نبراس الهدى والسراج المنير محمد صلى الله عليه وسلم أن الله بعلمه وعظمته وقدرته وقوته ورحمته وجلاله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه؟ وإن لنا عبر لا تعد ولا تحصى في سيرة المسرى به من الحرام إلى الأقصى. فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم لطيفا مع الصغير والكبير، مع النساء والرجال، حليما لا يقسو على أحد ولا يقطع رجاء أحد ولا يؤذي أحد وإن أذاه وأساء إليه. وهو الذي يؤمر بالرفق واللين والحلم والطيبة والمودة، ويخبرنا أن سوء القول فقط هو من نواقض الإيمان التام فكيف بسوء الفعل ودناءة التصرف وقبح الأثر؟
          وعلى سبيل طمأنينة القلب وهناء البال وانشراح الصدر فإن كل خير يقدمه المرء إنما يستودعه الله فيجده عنده حينما يلقاه مضاعفا لا ناقصا، مباركا فيه لا مغضوبا عليه، أعظم أمرا وأجرا لا أقل قيمة وشأنا. فكيف لا يسعى المرء إلى فعل الخيرات ما استطاع إلى ذلك سبيلا، وتحري الطيبات مهما بدا عملا صغيرا وقليلا، ومد يد العون لكل عبد غريبا كان أو خليلا طالما أن الحزاء بيد العلي المتعالي وكفى به حسيبا وكيلا؟
ونسأل الله أن يوفقنا جميعا لكل خير يحبه ويرضاه ويرضى به عنا.

نبيل السرغيني

تعليقات

  1. أسلوب سلس لشرح مفاهيم عظيمة بارك الله فيك👏👏

    ردحذف
  2. اللهم اجعلنا من عبادك الصالحين🤲🤲

    ردحذف
  3. جزاك الله خيرا أيها النبيل 👏💜

    ردحذف
  4. ولا أرى أحدا بطيبتكَ أيها النبيل 🥰
    وفقكَ الله و أحسن إليكَ

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رَاحَةُ ٱلْبَالِ وَطِيبُ ٱلنَّفْسِ

كَيْفَ نُرَبِّي أَبْنَاءَنَا تَرْبِيَةً حَسَنَةً؟

اَللَّهُ رَحْمَانٌ رَحِيمٌ رَؤُوفٌ بِعِبَادِهِ